المجاهد الفضيل المهشهش سيرة حياته وجهاده

المجاهد الفضيل المهشهش 

هذه سيرة موجزة نحاول فيها استعراض حياة بطل من ابطال الجهاد فى ليبيا ضد الغزو الايطالى , والذى ضحى بالغالى والرخيص فى سبيل وطنه, شارك فى  اغلب المعارك الشهيرة التى جرت فى المنطقة الشرقية, مما يقع  فى نطاق ادوار الجهاد التى انظم اليها, كان شجاعا  لايخاف الموت, وقد شهد له كبار المجاهدين بذلك, وقد حاباه الله بثروة طائلة  انفقها  كلها فى سبيل الله, يزود المجاهدين بما يحتاجون له, حكم عليه الطليان بالاعدام , ورصدوا الجوائز للقبض عليه ,  اضافة الى كل ذلك, كان شاعرا كبيرا لم يتناول من ضروب الشعر, الا الوطنى, فلم  يتطرق الى اصنافه الاخرى, لمكانته الاجتماعية والدينية ,وقد صور فى شعره الويلات التى لاقاها شعبنا الليبى على يد الاستعمار الايطالى. ونتيجة للتقصير الواضح الذى حدث فى دولة الاستقلال الاولى, فى تدوين  وكتابة الجهاد الليبى, وهم كانوا قريبى العهد من تلك الفترة, وكان اغلب قادة هذا الجهاد احياء, لكن لم يلتفت احد الى ذلك, لاسباب كثيرة وهذا ليس مكان تناولها,  فقوبل عمل هؤلاء الابطال المخلصين بالطمس التام, وتغييب حقيقة جهادهم ودورهم الوطنى للاجيال اللاحقة, وهذا ماجعل الباب مفتوحا والفرصة   سانحة لمزورى التاريخ  من امثال المقبور القذافى, ولكن هيهات ان يستوى المجاهد الصادق الذى بذل الغالى والنفيس, والذى لم يركن لظالم ولم تغريه اموال المستعمر واغراءاته الكثيرة, وهاجر فى سبيل الله ومات على ذلك, وبين الذين ركنوا للمستعمر, بل عملوا الى جانبه,

******

مبررين عملهم بالذرائع المختلفة, وكذلك مهما حاول الغير تبرير ذلك, وايجاد الذرائع له, لمحو هذا السقوط المدوى فى كنف المستعمرين. وماامتناع اسرة المجاهد الفضيل باشا المهشهش  طيلة 42 عاما الماضية من حكم الديكتاتورية , عن  نشر هذه الحقائق التاريخية و ابراز هذه الوثائق, الا لإن اغلب هذه الوثائق له علاقة بالاسرة السنوسية الكريمة, فقد كانت القيادة السياسية والعسكرية فى المرحلة الاولى فى يد السيد المجاهد الكبير احمد الشريف السنوسى وفى المرحلة الثانية استلم القيادة السيد الامير ادريس  المهدى السنوسى( ملك ليبيا فيما بعد), وكانت جميع الادوار الجهادية تحت قيادتهم سواء العسكرية او المعنوية, وكان معلوما للجميع, ان النظام السابق لايقبل نشر شى يذكر الاسرة السنوسية او قادتها بخير, او نشر اى وثيقة فيها اسم احد من قادتها, لهذا كان قرارا حازما من ابناء المجاهد الفضيل باشا المهشهش عدم نشر اى شىى,, فلقد كان ممكنا نشر الاشياء التاريخية مجزئة, وممالئة للنظام السابق بها, كما فعل الكثيرين من الذين سمح لهم بالنشر اثناء حكم الطاغية ولكنهم رفضوا ذلك حتى تقدم الحقائق كاملة.  والان وبعد انبلاج هذه الثورة المباركة, ثورة 17 فبراير المجيدة, والبدء فى بناء صروح دولة الاستقلال الثانية, ندعو  من جديد الى كتابة تاريخ ليبيا الجهادى من جديد على اسس بعيدة عن الاغراض الشخصية والتعصب القبلى والجهوى وان تستخدم فى كتابته الاساليب العلمية لكتابة التاريخ , فالاعتماد على الوثائق والشهادات الحقيقية,والتى تذكر فيه الحقيقة المجردة وان بدت على البعض صعبة واليمة وان يعطى كل ذى حق حقه,  حتى نتركه ارثا صحيحا طيبا لاجيالنا الناشئة والقادمة . ومما عرضناه من وثائق هنا هو قليل من كثير مما امتلكه هذا المجاهد الكبير والتى تؤرخ لحقبة من تاريخ ليبيا الجهادى وكذلك التحضير لإستقلالها الاول فى دار الهجرة وهى وثائق لم يكشف النقاب عنها من قبل وعددها مالايقل عن 90 وثيقة تاريخية, انشاءالله تعالى سوف تصدرفى كتاب سيحوى بين دفتيه,  مناقب هذا المجاهد الكبير, وجهاده وخدماته لوطنه فى السراء والضراء, وهو سيكون اضافة حقيقية, لمن يريد معرفة تاريخ هذه البلاد الحقيقى والصحيح, فى حقبة  الاستعمار الايطالى وخلال التحضير لإستقلال ليبيا.

******

مولده ونشأته

هو الشيخ الفضيل موسى المبروك محمد عمر جبريل سعيد موسى المهشهش, من بيت محمد  من قبيلة المهشهش.  ولد هذا المجاهد فى مدينة اجدابيا حوالى ســـنة 1870م.  وقد شب الشيخ الفضيل باشا المهشهش, وترعرع فى بيت عز وكرم وفروسية, حفظ كتاب الله عن ظهر قلب, فنشأ فى هذه البيئة الطيبة, فنهل منها الفضائل والمكارم, , وكان الفضيل باشا المهشهش من اثرياء برقة المعروفين, وكان شجاعا وكريما, كان بيته  دائما مقصدا لكل طالب حاجة, وكان ذو حكمة وعقل راجح, لاتهزه النوازل والنوائب حتى لقب بعقل برقة.  والشيخ الفضيل باشا المهشهش  هو اكبر اخوته سنا والبالغ عددهم سبعة, اربعة من الذكور وثلاثة من الاناث, وقد استشهد اصغر اخوته عبدالقادر موسى المهشهش فى معركة غريدة الحداد قرب اجدابيا,  وقد كانت عائلـته عائلة المبروك  من العائلات الثرية  فى برقة فى ذلك الوقت,  اما قبيلته قبيلة المهشهش , فهى من القبائل القاطنة فى برقة شرق ليبيا من قبائل المرابطين ذات النسب الشريف, لقد حظيت باحترام وتوقير جميع القبائل القاطنة ببرقة  عبر مئات السنين وذلك لإصلها الشريف الذى ينتهى الى الدوحة النبوية الشريفة وكذلك لافعال الخير الكثيرة التى كانت معروفة بها ومنها  فض الخصومات والاصلاح بين الناس , وكذلك نالت توقير واحترام الدولة العثمانية ممثلة بالاسرة القرمانلية  انذاك, وذلك باعطاءها 8 اوامر تركية يرجع تاريخ اقدمها الى سنة 1769 م  (243 سنة) والتى تقر لهذه القبيلة  بالنسب الشريف وتوجب  احترامها من قبل القبائل الاخرى القاطنة فى برقة وكذلك اعفائها من دفع الضرائب وهو ماكان يسمى بالميرى انذاك وكذلك  نالت قبيلة المهشهش اعتراف الاسرة السنوسية الكريمة بذلك عبر عدة مراسلات تمت بين الاسرتين الشريفتين والتى ترجع اصولها ايضا الى البيت النبوى الشريف انظر الى شهادة الامير محمد ادريس السنوسى للمجاهد الفضيل باشا المهشهش وذلك عقب معارك اجدابيه والزويتينة( الرمصا) وذلك سنة 1914م والتى يقول فيها حرفيا" لابد وواجب على كافت اخوانى المجاهدين بأنهم يحترمون هذا الشهم الغيور غايت الاحترام, لكونه من سلالة طاهرة واهلا لذلك, والله الموفق ".

******

 جهاده:

 عندما بداية الغزو الايطالى ومهاجمة الاسطول الايطالى لميناء بنغازى , وقذفها  بقذائفه المدمرة وذلك  فى 19 اكتوبر 1911 م, هنالك  تنادى الليبيين  للدفاع عن مدينة بنغازى وعن ليبيا بأسرها, تلبية لنداء الجهاد المقدس الذى اطلقه المجاهد الكبير السيد احمد الشريف السنوسى, وكان الفضيل المهشــــهش واخوته وابناء عمومته, من  اوائل الذين لبوا هذا النداء وانضموا الى قوافل هؤلاء المتطوعين الى دور بنينة , وقد بنوا خيمة لهم فى هذا الدور , وشاركوا فى معارك جليانه والسلاوى وغيرها من المعارك التى التى جرت فى تلك الفترة, وعند تاسيس ادوار الجهاد  لصد الهجوم الايطالى, كان  انشاء دورالمغاربة فى منطقة اجدابيا, وكان هذا الدور بقيادة المجاهد الكبير صالح  باشا لطيوش, ومن بين الرجال الذين قاموا بمعاونة هذا المعسكر ووهبوا انفسهم لخدمته وبذلوا الغالى والرخيص المشايخ الاتية اسماؤهم نصر العمى , المهدى الحرنة , الفضيل المهشهش)1  ويذكر الكاتب الطيب الاشهب فى كتابه برقة بين الامس واليوم:   ( اتخذ معسكر المغاربة  فى اجدابيا بعد معركة بلال الاخيرة مقره بموقع سبط ابوعين وكان نظامه: صالح باشا لطيوش             رئيس الادارة العسكرية والمدنية         الشيخ الفضيل المهشهش        رئيس مجلس المشايخ الشيخ محمود بوهدمه           للمالية مع عضوية مجلس المشايخ دخيل عبدالسلام                 رئيس الشرطة الشيخ احمد المسلاتى           قاضى شرعى عطية عثمان المهشهش        قمندان التجنيد)2

******

وعندما نقض الايطاليون عهودهم ونقضوا الهدنة  وقاموا بالهجوم على المعسكرات السنوسية القريبة منهم واستعدوا كذلك للهجوم على عاصمة الامارة السنوسية الاولى, ولكى نعرف حقيقة تلك الاجواء وخصوصا بعد مغادرة الامير ادريس السنوسى الى مصر للعلاج وذلك فى يناير 1923م وقد ترك اخيه الرضا نائبا له فى برقة. يذكر الكاتب الايطالى انجيلو ديل بوكا فى كتابه الايطاليون فى ليبيا مانصه: وفى اثناء ذلك فهم احتلال المعسكرات السنوسية المختلطةفى اجدابيا عاصمة السنوسية على حقيقته, اى انه عمل حربى وبداية حقيقية للحرب السنوسية الايطالية الثانية, وظهرت حيرة محمد الرضا بعد ان حرم من توجيهات ادريس لكن العسكريين لم يخالجهم اى شك حول الرد على بونجيوفانى إذ السلطة الحقيقية كانت فى ايدى عمر المختار وقجه بن عبدالله وعلى العابديه بن صالح وصالح لطيوش وفضيل المهشهش ومحمد بونجمة وعبدالسلام الكزة لهذا ردت السنوسية بإنشاء ادوار وكره كولات جديدة) 3.  وقد شارك هذا المجاهد  الفضيل المهشهش فى جميع المعارك التى جـرت فى تللك الفترة وابلى فيها البلاء الحسن ونذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر معارك بنينا, اجدابيا الاولى والثانية, أبلال الاولى والثانية (الكراهب) ,البريقة الاولى والثانية , القطفية , الغريدة او غريدة الحداد , الزويتينة ( ليلة الرمصة), القرضابية, تاقرفت وغيرها.

معارك البريقة وبئر ابلال:

ويذكر الكاتب الطاهر الزاوى فى كتابه عمر المختار الحلقة الاخيرة من الجهاد الوطنى فى ليبيا مانصه: وسببها انه لما قبل السيد ادريس البيعة بالامارة اعلنت ايطاليا عليه الحرب واحتلت اجدابيا التى كانت مركزا له فى 9 رمضان 1341هــ(24 ابريل 1923م)  واجتمع المغاربة ومن انضم اليهم حوالى زاوية القطوفية وهى الى جنوب اجدابيه بنحو مرحلة, وصاروا يناوشون الطليان فى اجدابيه ويقلقون راحتهم. فلم ير الطليان بدا من محاربتهم فخرجوا عليهم فى يوليه 1923  فى جيش لايقل  عن خمسة الاف مجهز بجميع المعدات والالات الحديثة, ومعه نحو مائة سيارة من

******

المدرعات وغيرها. فالتقوا به فى البريقة, ونشبت المعركة بين الفريقين, وكانت الدبابات اول ضحية هذه المعركة لأن طبيعة هذه الارض لم تساعدها على القيام بمهمتها, وامطرها المجاهدون وابلآ من الرصاص ففسدت عجلاتها فانقضوا عليها وقتلوا من فيها. واستعر القتل بين الفريقين وصمد المجاهدون لهذا الجيش العرمرم, فما هى الا ساعة حتى ذهب الله بريحه وولى الادبار, فركبوا اقفيته فلم ينج الا نفر قليل تمكنوا من الهرب. وكان الفضل فى هذه المعركة للمغاربة, وقد ابلوا فيها بلاء حسنآ واظهروآ فيها من الشجاعة والاستبسال مايسجله لهم التاريخ بمداد الفخر. وقد استشهد  فى هذه المعركة من فرسانهم المبرزين فى الشجاعة الشيخ ابراهيم الفيل, والشيخ نصر الاعمى, والشيخ مهدى الحرنة. وكانت هذه المعركة بقيادة الشيخ صالح لطيوش والشيخ الفضيل المهشهش وقجه عبدالله وقد اظهروا فيها مايشكرون عليه).4  ويذكر ايضا الطيب الاشهب فى كتابه عمر المختار مانصه: (وقد حدث في أثناء وجود عمر المختار أن اشتبك المجاهدون مع الطليان في معركتين كبيرتين في بير بلال والبريقة في سنة  1923م ، فأنتصر المجاهدون على الطليان في معركة بير بلال بقيادة المجاهد قجة عبدالله السوداني واستشهد كل من المهدي الحرنة، والشيخ نصر الأعمى وغيرهم، وقد ساهم في هذه المعركة صالح الاطيوش، والفضيل المهشهش, وكانت نفقات المجاهدين في هذه المعركة على حساب الفضيل المهشهش, ووقعة معركة البريقة بعد بير بلال بأربعة أيام ) 5

معارك الزويتينة ( ليلة الرمصا) وغريدة الحداد واجدابيا الاولى :

وفى يوم 15 ربيع الاول 1332هجرى ( الموافق 7 فبراير 1914 م) هجم العدو مركز الزويتينة فاحتله وكانت قواته قد زحفت من الطريق الساحلية تحت حماية الاسطول الذى اخذ يجارى القوات الزاحفة ويحميها بقنابله وفى نفس الليلة هجم معسكر المغاربة بقوة وحماس على العدو فاشتبك معه فى معركة عظيمة عرفت ب (ليلة الرمصا) وغنم المسلمون (المجاهدون) كثيرا من العتاد والمؤن والذخائر واجتمعت النقاط الامامية للعدو داخل الزويتنة فلم يبق خارجها احد منه, ثم زحف العدو بعد اربعة ايام (11 فبراير 1914م) من المعركة الاولى الى خطوط امامية جنوب الزويتينة والتحمت معركة نكراء(شديدة) حصل فيها التوازن بين الطرفين, بعد ذلك تقدم

******

العدو بجحافله الى اجدابيا  فاصطدم بالعرب فى موقع ( غريدة الحداد)  واقتتل الفريقان قتالا مرا اسفر عن تقدم العدو  فتقدم يوم 15 جمادى الاولى 1332هجرى( 10 ابريل 1914م) حيث احتل اجدابيه)4.        وقد منح  المجاهد الفضيل المهشهش, شهادة من الامير ادريس السنوسى(الملك فيما بعد) بعد معارك اجدابيا والزويتينة (ليلة الرمصا), تقديرا لشجاعته وبسالته فى هذه المعركة, فقد كان المجاهد الفضيل المهشهش قائد احد الالوية التى صدت الهجوم الايطالى على  الزويتينة ليلا وهى ماسميت بمعركة (الرمصة),  وكذلك صد الهجوم عن اجدابيا والقادم  من سلوق وقمينس و كان تاريخ هذه المزبطة يعود الى 8 جمادى الثانى 1332 هجرى (8 مايو 1914 ميلادى). ونص هذه الوثيقة (1) كما ورد فيها حرفيا:( فاعلموا ياخوانا المجاهدين ياهل برقة البيضا وياهل برقة الحمرا, ان يوم خروج التليان من سلوق وقمينس وهجومه على نقطة الزويتينة, واقامة فيها حسب العادة الجارية,قد وصل الخبر بسرعة الى مركز العرفى الذى بمركز اجدابيا, وقد حضر جيش الاسلام بكمال الشجاعة والنشاطة لاجل الهجوم ليلا فى النقطة المذكورة, وقد صالت الجيوش على تلك الناحية, وهجمته ليلا, بكمال الشجاعة والثبات وفى الليلة المذكورة من احد قياد الجيوش سيدى الفضيل المهشهش, حسب ملاحظت القومندان ومشهوداته بهذا الشهم الغيور,قد ابرز شجاعة عاليه قدام كافت العالم,وتقهقر منه العدو فى تلك الليلة.  وثانيا يوم زحف العدو على اجدابيه , الشيخ الفضيل المهشهش قد ابرز شجاعة لا مثيل له, من هذا السبب افعال الشيخ المحمودة مكأفاة له , لابد وواجب على كافت اخوانى المجاهدين بأنهم يحترمون هذا الشهم الغيور غايت الاحترام, لكونه من سلالة طاهرة واهلا لذلك, والله الموفق .  8 جمادى الثانى 1332 هجرى (8 مايو 1914ميلادى) هو كذلك ماقرره السيد الاخ عن الشيخ المجاهد الغيور السيد الفضيل المهشهش, انه ذو صرامة فى تشجيع الاهالى وافعال الصلاح نحو الوطن والمسلمين عموما ونشهد بذلك.                  ختم  الامير ادريس المهدى السنوسى

******

انفاقه فى سبيل الله

لم يتوانى هذا المجاهد الكبير وقد كان صاحب ثروة كبيرة عن صرف مـاله  كله فى سبيل الله, فقد كان دائم التبرع لادوار الجهاد, ومنها لدور المغاربة فى اجدابيا الذى كان رئيس مجلس الشيوخ فيه والمستشار لقائد هذا الدور وهو المجاهد الكبير صالح باشا لطيوش, وكذلك لقادة الحركة السنوسية من امثال السيد المجاهد الكبير السيد احمد الشريف السنوسى وكذلك الامير ادريس السنوسى(ملك ليبيا فيما بعد)  رحمهما الله رحمة واسعة وهناك رسائل عديد متبادلة بينهما والمجاهد الفضيل باشا المهشهش, سترد فى كتاب بأذنه تعالى, تشهد على مقدار البذل لهذا المجاهد, وفى معركة البريقة كانت مصاريف جميع المجاهدين على نفقته الخاصة لعدة أيام حتى انجلت هذه المعركة عن نصر المجاهدين وكذلك فى معارك ابلال ومعارك اجدابيا وغيرها من المعارك .         ويذكر الكاتب الطيب الاشهب فى كتابة برقة بين الامس واليوم مانصه: (وبعد احتلال اجدابيه وذلك فى 21 ابريل 1923م, وكان المعسكر المنسحب مؤلفا من معسكرى المغاربة والعواقير وقد اتخذ مقره موقع (ابوجداريه) الذى يبعد عن اجدابيه غربا خمسين كيلو متر تقريبا, وقد اصيب بنوع من المجاعة وانفرط بعض عقد المتطوعين الذين اضطرتهم الحالة الى مباشرة اعمال اهليهم مؤقتا, فأخذ شيوخ القبائل يجمعون الاعانات لتموين المعسكر كما باشروا فى جمع المتطوعين وكانت اول اعانة وصلت الى المجاهدين من مكارم الخيرين هى المائة نعجة والثلاث نياق التى وصلت من الشيخ الفضيل المهشهش)6   كان موقف المجاهد الشيخ الفضيل باشا عظيما فى البذل والعطاء, كان قمة فى الكرم العثمانى, وقد شبه بعض المنصفون  بسيدنا عثمان رضى الله عنه فى البذل والعطاء, فقد تبرع المجاهد الفضيل باشا المهشهش, بمائة نعجة وثلاث نياق وماادراك ماقيمة هذه الثروة فى تلك السنوات العجاف(1923 م)?!!, والعدو الايطالى يطارد المجاهدين ويضيق عليهم كل السبل, فلولا اهل الكرم والجود, مااستمرت حركة الجهاد, كل هذه الفترة فى المقاومة والصمود.

******

وهناك اكثر من رسالة بين  السيد احمد الشريف السنوسى المجاهد الكبير وبين المجاهد الشيخ الفضيل باشا المهشهش سنورد  فقط نص واحدة منها وكانت هذه الرسالة بتاريخ  15 محرم 1336 هجرى الموافق 30 اكتوبر 1917 ميلادى : (انه من عبدربه واستاذه ونديب امير المومنين فى افريقيا ووزيره احمد الشريف السنوسى الى الجليل الفاضل العمدة الكامل ولدنا الفضيل بيه المهشهش حفظه الله ورعاه, امين, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرضاته وبعد فالموجب لتسطيره السؤال عنكم وعن المرضية احوالكم ونرجو الله انكم بخير وان سألتم عنا فانا ولله الحمد فى سوابغ نعمه وتتابع جوده وكرمه ولازال الدعاء الصالح لكم مبذولا والله يتولاه اجابه وقبولا وعليكم منا اتم السلام. وقد اثنى عليكم ولدنا ابراهيم بيك الزردومى الثناء الجميل فى وقوفكم واجتهادكم فجزاكم الله احسن الجزاء وذكرتم من جهة المطيرة فاعملوها على نية اهل التاج كما هى عادتكم جزاكم الله احسن الجزاء والله يخلف عليكم دنيا واخرة بحرمة النبى صلى الله عليه وسلم وجعل فيكم ماتقر به العين).                                                                                               ختم  احمد الشريف السنوسى نائب امير المؤمنين فى افريقيا ووزيره  مشاركاته السياسية خلال فترة الجهاد شارك الفضيل باشا المهشهش فى اغلب الاجتماعات, التى عقدها كبار القيادات العليا للمجاهدين, لتدارس الامور ووضع الخطط الكفيلة لمواجهة العدو الغاشم, بشتى السبل والوسائل, والعمل على توحيد الصفوف بين المجاهدين الليبيين فى برقة وغيرها من مناطق ليبيا,  وقد شارك فى الاجتماع بين وجهاء برقة وبين اخوانهم  فى هيئة الاصلاح المركزية فى طرابلس وسمى انذاك بوفد الدعوة.  ويذكر الكاتب الطاهر احمد الزاوى فى كتابه جهاد الابطال فى طرابلس الغرب مايلى:

******

( وفى اثناء ماكانت الحرب فى الزاوية رأت هيئة الاصلاح المركزية ان توفد وفدا الى السيد ادريس السنوسى فى برقة لتدعوه الى الحضور الى طرابلس لتبايعه بالامارة تنفيذا لما قررته فى فندق الشريف, وسمى هذا الوفد وفد الدعوة, وهو يتألف من الشيخ محمد المسلاتى , والشيخ الطاهر الزاوى , والشيخ محمد بن حسن ) 7   ويقول د.محمد فؤاد شكرى فى كتابه ميلاد ليبيا الحديثة مانصه: ان اعوان الامير : على العابديه وصالح لطيوش والفضيل المهشهش وغيرهم اسسوا دعوة القبائل للحضور الى اجدابيه لمقابلة المندوب (بشير السعداوى) والوفد الطرابلسى علٌى ان هؤلاء قد جاءوا ببيعة الامارة  للسيد محمد ادريس السنوسى, وان اهل طرابلس قد انضووا تحت لوائه) 8   وفى اثناء بقاء الوفد فى اجدابيه وكان ذلك فى يونيه 1922 ميلادى جاء مشايخ القبائل وفى مقدمتهم : الشيخ عبدالسلام الكزة             من العواقير الشيخ صالح الاطيوش             من المغاربة الشيخ محمد بوشديق               من البراعصة         الشيخ الفضيل المهشهش           من المرابطين الشيخ  قطيط الحاسى               من الحاسة الشيخ محمود بولطيف               من العبيدات)9 وبعد ذلك حضر وزير المستعمرات الايطالى الى غوط الساس بالقرب من المرج, والتقى بالامير محمد ادريس السنوسى فى 22 يونيه 1922م وعمل على اقناع  امندولا بضرورة تهدئة الاحوال فى طرابلس, وبعد انتهاء المباحثات ارسل الامير ادريس الى بشير السعداوى وزملائه كلا من صالح لطيوش والفضيل المهشهش واحد ابناء الكزة وسلم هؤلاء كتابا لبشير السعداوى

******

من سمو الامير اخبره فيه بمقابلته مع وزير المستعمرات فى غوط الساس, وبحث القضية الطرابلسية معه, وبأن المباحثات قد اسفرت عن اظهار ايطاليا استعدادها للصلح معها, وفضلا عن ذلك فقد جاء الجماعة بكتاب اخر من الامير موجها الى رئيس الاصلاح المركزية) 10  بهذا المعنى. فبادر بشير السعداوى بأنه يعتزم العودة فورا الى طرابلس لإتمام البيعة ووعد بالعودة سريعا الى اجدابية يحمل معه البيعة)11 وفى 21 ديسمبر 1922 م, خرج السيد محمد ادريس من اجدابيه فى طريقه الى مصر, وخرج معه السيد عبدالرحمن عزام. ومن المعروف, ان السيد وصل الى القاهرة فى 27 يناير 1923 م. وجاءت الاخبار الى اجدابيه, ان الحرب اشتدت رحاها فى طرابلس. فاجتمع بشير السعداوى بالهيئة البرقاوية- ومن اعضائها: عبدالسلام الكزة, والفضيل المهشهش وصالح لطيوش, وعلى العابدية. وكان غرض بشير السعداوى ان تتألف جبهة متحدة فى برقة وطرابلس لمتابعة الجهاد ضد ايطاليا دون ابطاء) 12  الرتب العسكرية  الممنوحة له خلال فترة الجهاد: (       بتاريخ 15 محرم 1334 هجرية (1916 ميلادى من صنف الامراء   رتبة بيك-1      ( بيك                   بتاريخ 15 محرم 1334 هجرية (1916 ميلادى   رتبة بكباشى-2     (          بتاريخ 29 شعبان 1335 هجرية (1917 ميلادى   رتبة اميرءالاى عسكرية-3    (                      بتاريخ 8 جمادى 1338 هجرية (1920 ميلادى    رتبة امير لواء-4 الالقاب الممنوحة له خلال فترة الجهاد:    لقب باشا من الطبقة الملكية            بتاريخ 8 جمادى 1338 هجرية (1920 ميلادى) الاوسمه المتحصل عليه خلال فترة الجهاد منح المجاهد الكبير الفضيل المهشهش  نظيرا لشجاعته واخلاصه وبذل الغالى والرخيص من اجل ليبيا,  اعلى الاوسمة وارفعها منزلة خلال فترة الجهاد الايطالى ومنها:                    بتاريخ 25 محرم 1336 هجرية (1918 ميلادى)        نيشان احمر هلالى-1   بتاريخ 25 محرم 1336 هجرية (1918 ميلادى)                          وسام  عثمانى-2 الوظائف والمناصب  التى تقلدها خلال فترة الجهاد: تقلد  المجاهد الفضيل المهشهش  العديد من الوظائف فى فترة الجهاد الايطالى وكان عضوا فى اغلب المجالس التى شكلت ايام الامارة السنوسية فى مدينة اجدابيا ونذكر من هذه الوظائف:                 بتاريخ 4 شوال 1334 هجرية (1916 ميلادى)   عضو  بلدية مركز اجدابيا -1                    بتاريخ 6 رمضان 1336 هجرية (1918 ميلادى)  عضو المجلس العسكرى -2                      بتاريخ 27 رمضان 1337 هجرية (1919 ميلادى)  عضو مجلس الاعيان -3              بتاريخ 19 شعبان 1339 هجرية (1921 ميلادى)  عضو مجلس بمعية المتصرف -4                   بتاريخ 5 صفر 1341 هجرية (1923 ميلادى)  مستشارا لمتصرفية اجدابيا -5      بتاريخ 21 رجب 1341 هجرية(1923 ميلادى)  عضو بالمجلس العمومى بلواء اجدابيا -6 ملاحظة: كل الرتب والمناصب والالقاب والنياشين  التى ذكرناها كلها موجود قرارتها و اوامرها  الاميرية والسلطانية وسنوردها انشاءالله فى كتابنا  سيرة المجاهد الفضيل باشا المهشهش. المجاهد الفضيل المهشهش والافق العربى   ارسل الاديب والسياسى والمجاهد  فخرى البارودى رئيس مكتب القوميين العرب فرع دمشق سنة 1939 ميلادى,  رسالة ومعها قسائم انتساب للمجاهد الفضيل باشا المهشهش ولاخوانه لدعــم القضية العربية, ويدل هذا  الاتصال بالمجاهد الفضيــــل  باشا المهشهش,على علو كعبه, وسمو روحه الجهادية العالية, التى وصـلت ليس فى حدود وطنه فقط, ولكن الى الشرق العربى ايضا. ونص الرسالة هو كما يلى:

******

( حضرة الاخ الكريم السيد الفضيل باشا المهشهش المحترم تحية العروبة وبعد,                    فان المكتب العربى القومى الذى يرمى الى بعث وتوضيح الفكرة القومية وتقوية الوعى القومى فى جميع الاقطار العربية, وربط بعضها ببعض برباط الشعور القومى المتين والذى بلغ بمعاونة بعض القوميين العرب مابلغه من نظام وعمل مثمر ينتظر منكم مؤازرته ماديا ومعنويا ليظل قويا ودائبا وراء تحقيق فكرته وتأدية رسالته التى هى رسالة كل عربى قومى.               انى ابعث اليكم كلمة عن اعمال المكتب مع عدد من قسائم الاشتراك منتظرا توقيعها من اخوانكم الذين يحملون رسالة تحرير العرب ونهضتهم. وتفضلوا بقبول احترام     فخرى البارودى               توقيع              31 كانون 1939

الهجرة والعمل من اجل استقلال ليبيا:

وبعد مايربو على ربع قرن من الجهاد والكفاح ضد العدو الايطالى و بعد احتلال ايطاليا لجميع دواخل برقة الغربية بعد معارك عنيفة تكبد فيها العدو الايطالى خسائر فادحة وبالرغم من استعماله للقصف الجوى والدبابات والمدرعات والمدفعية وتجنيده للمرتزقة من المصوع والاريتريين والليبيين , لكن هذا لم يفت فى عضد المجاهدين فقد كان اعتمادهم على الله وعلى عزيمتهم التى لاتلين , فلقد بذلوا الانفس والاموال وقدموا الشهداء للدفاع عن وطنهم , وبعد معارك تاقرفت وغيزل وكانت هذه اخر المعارك فى برقة الغربية, فأنسحب المجاهدون بعدها  و تمركزوا فى جبل الهاروج  وكانوا يشنون حرب عصابات على العدو الايطالى المتواجد فى المناطق الساحلية ولكن بعد مهاجمة الطليان لجبل الهاروج واحتلال جالو واوجلة  وتحضيره لاحتلال الكفرة, انسحب هؤلاء المجاهدون الى الكفرة  وخاضوا فيها معركة بطولية, لكن مع الفارق فى العدد والعدة  وكان ميزان اقوة لصالح العدو الايطالى ,تم احتلالها من قبل القوات الايطالية, وهاجر هؤلاء المجاهدون الى مصر وتشاد والسودان بعد ان قاسوا فى طريقهم الاهوال والشدائد.  يذكر الكاتب الطيب الاشهب فى كتابه برقة الامس واليوم: ( كانت معركة غيزل خاتمة المعارك ببرقة,وتوغلت القوات الايطالية فى جميع دواخل برقة لتطهيرها ونزع مابقى بها من الاسلحة,وحددت المناطق التى يلجأ اليها العرب حسب تقرير القيادة الايطالية, فيكونوا تحت الرقابة الشديدة وبذلك استسلم جميع اهالى برقة اذا استثنينا المنتجعات التى التجأت للهاروج وكان بين من التجأ للهاروج عائلة صالح باشا لطيوش ونفر قليل من بطانته, الشيخ سعيد اشلبى واهل بيته, الشيخ عبدالنبى مذكور بأهله, الشيخ حسن الظريف بأهله, الشيخ الفضيل المهشهش بأهله, الشيخ عبدالسلام الكزة بأهله, الشيخ عبدالقادر بوحشيشه بأهله)13 لقد هاجر الشيخ الفضيل المهشهش  بعائلته وعدد من اقاربه الى مصر,و كان بقاءه فى دار الهجرة ليس سكنا للدعة والراحة, فلقد كان على علاقة طيبة و اتصال وثيق , باحرار مصر ومنهم  الشيوخ عبدالستار و اخيه حمد باشا الباســل  رفيق سعد زغلول فى ثورة 1917م وهما من قبيلة الرماح وكذلك الشيوخ  عبدالستار وعبد  بالجود من قبيلة الجوازى و على بك المصرى وابنائه من قبيلة الجوازى,  وعبدالله عبدالسلام العمدة  والعمدة شوبك الشيلابى من قبيلة الجوازى وكذلك صالح لملوم من قبيلة الفوائد, الذين كانوا جميعا  سـندآ قويآ للمهاجرين الليبيين ,وكانوا لايبخلون بأى دعم مادى او معنوى, لصالح دعم جهود المجاهدين  الليبيين, فى سبيل تحرير وطنهم, وقد احسنوا جميعا استقبال وضيافة المجاهدين المهاجرين, طيلة بقاءهم فى دار الهجرة مصر. وقد كان المجاهد الفضيل المهشهش فى تنسيق تام, مع الامير ادريس السنوسى (ملك ليبيا فيما بعد), فى محاولة استغلال الظروف لصالح ليبيا, للتخلص من نير هذا المستعمر الايطالى.  وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية, كان الفضيل باشا المهشهش, منهمكا مع اخوانه المهاجرين, وبقيادة الامير ادريس السنوسى (ملك ليبيا فيما بعد), فى تحين الفرص والتشاور, فى انجع الطرق لانقاذ ليبيا, وبحدس المؤمن, والمتابع لاحداث  السياسة الدولية وبدايات الحرب العالمية الثانية , نراه قد تنبأ بهزيمة ايطاليا وحليفتها المانيا على يد الحلفاء, وكل الليبيين كانوا يأملون فى ذلك للانتقام من

******

ايطاليا ومافعلته من جرائم ضد الشعب الليبى وكذلك تخليص ليبيا من ربقة هذا الاستعمار البغيض ونيل استقلال ليبيا,  ويقول فى ابيات شعرية جميلة,  مخاطبا عينيه طالبا منهما سفح الدموع ليس على هيئة قطرات كما هى عادتهن ولكن ذرفهن كالسيل على تلك الايام الخوالى الجميلة فى ليبيا الحبيبة, ويذكر ايضا ان الغربة والبعد عن الوطن طالت ,ولكن بعزيمة المؤمن,  يذكر ان الله قادر على ارجاع الحق والامور الى نصابها,ويرى ان مقدمات سحاب او غيم  قد لاح فى الافق, مع سطوع البرق, اذا صدق هذا  التنبؤ,سينزل مطر غزير, سيغير كل شى ويكون ربيعا جميلا . وهو يقصد ان صدقت هذه التحركات العسكرية لقوات الحلفاء ستنتهى هذه الحرب بهزيمة ايطاليا وتعود ليبيا حرة من جديد ويقول الشاعر المجاهد  الفضيل باشا المهشهش:

سيلن وانهــــــــــــــــــــــــــــــالن                 على ايام ريتهن زمان وزالـــــــن

الموح شين والغربة معاكن طالن                  تعبتن, على المولى ردود كفاكــن

خشوم مزن والبوارق عــــــــالن                    ان صح نو يرجعكن على مرباكن

 كان على اتصال وثيق ايضا بالمجاهدين المهــاجرين  الليبين, رفاق الجهاد, امثال الشيخ صــالح باشا لطيوش, الشيخ عبدالحميد  العبار,الشيخ عبدالسلام الكزه , عائلة سيف النصر,احمد المريض , احمد اشتيوى السويحلى, بشير السعداوى وغيرهم,  للتفــكير فى السبل الناجعة التى تمكن هذا الوطن السليب من التحرر من ربقة هذا الاستعمار البغيض وكذلك محاولة تذليل العقبات وتجاوز الخلافات ليكون المهاجرين الليبيين صفا واحدا خلف الامير ادريس المهدى السنوسى(ملك ليبيا فيما بعد) ليكسبه القوة فى التفاوض امام الاطراف الدولية وخاصة امام بريطانيا. ولمعرفة حجم المشاورات والمباحثات التى تجرى بين قادة المجاهدين فى ليبيا, ونرى بوضوح ان المجاهد الفضيل باشا المهشهش كان من الكوكبة الاولى التى اتصلت بالامير محمد ادريس السنوسى لتنسيق الجهود من اجل الوطن, و نستعرض رسالة بعث بها الامير محمد ادريس السنوسى الى السيد بشير بك السعداوى وذلك بتاريخ 17 رجب 1354 هجرى الموافق 15 اكتوبر 1935 م من حمام مريوط , مصر : " حضرة الماجد الفاضل المجاهد الكبير الوطنى الغيور الاخ بشير بك السعداوى   دام محفوظا بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد , فقد تناولنا خطابكم الكريم بكل سرور ومابه علم وحمدنا الله الذى انتم والاخوة محمد نورى(السعداوى) وعمر بك ( فائق شنيب) بتمام الصحة نرجو دوامها لكم. هذا واشكر عواطفكم الحسنة وشعوركم السامى واخلاصكم لقضية وطننا المنكود الحظ الذى لعبت به الاهواء وعصفت به عواصف السياسة الهوجاء. " وانه ايها الاخ الكريم لكما ذكرتم ان الفرصة الوحيدة لنا هىالفرصة الحاضرة. ولكنها لم تسنح بعد, واننا مترقبون سنوحها بفارغ الصبر.هذا ولم (نكن) مكتوفى الايدى  الآن اثناء هذا التقارب بل (نبذل) قصارى جهودنا للوصول الى الغاية التى (نسعى) اليها حتى اذا سنحت كنا حينئذاك على تمام الاستعداد للعمل المثمر النافع ان شاءالله. " اما عن اتحاد الزعماء الموجودين هنا واسناد امرهم الينا فمع اعتقادنا بعدم مخالفة احدهم للمصلحة الوطنية, وكوننا لم نفاتح احدا منهم فى هذا الامر حيث لم يطلب منا شئ ولو ان حسن الامل والعشم خيرا, وانما يوجد من الزعماء من خلطبنا شفاهيا او كتابيا مؤيدا لخطتكم التى تتوخونها لصالح الوطن وهم عائلة عبدالملك اموجودين بالحمام, وعمر بيك ابودبوس وعون بك سوف وعبدالجليل سيف النصر والشيخ الفضيل المهشهش والشيخ صالح لطيوش. خلاف هؤلاء لم يخاطبنا احد لاشفاهة ولاكتابة من الموجودبن بالقطر المصرى, اما من مشايخ العربان والافراد العاديين من الوطنيين فكثيرون يترددون ولم نخاطب احدآ نحن للسبب الذى ذكر. وما ذكرتم عن قدومكم فأحب ماعلينا ونحن نترقب الفرصة التى(تكفل) عمل شئ فيها ندعوكم حينئذ حالا وقبل كل احد والمولى سبحانه وتعالى يوفقنا واياكم لما يحبه ويرضاه ويقدر لنا ولكم ما فيه الخير, كما أسأله تعالى لكم نجاحا باهرآ وفوزآ مضطردا فى مساعيكم لقضية البلاد ويحفظكم لخيرها. " سلامنا الى الاخوة محمد نورى بك وعمر فائق بك. كما من بالطرف مسلمون عليكم ودمتم سالمين والسلام)14.                               محمد ادريس المهدى السنوسى  وقد ارسل السيد بشير السعداوى الى اخوانه فى مصر الى الامير السيد محمد ادريس السنوسى, والى المشايخ : الفضيل باشا المهشهش, وعبدالسلام الكزة, وعبدالحميد العبار, ثم الى احمد بك المريض, واحمد اشتيوى السويحلى, كما كتب الى الشيخ محمد عباس المصراتى فى تونس, والى

******

عبدالسلام افندى ادهم فى شرق الاردن) 15 , وذلك للحصول على معلومات مفصلة عن الفظائع والمظالم  التى ارتكبها الطليان فى ليبيا, وشهادة هؤلاء المجاهدين عليها, حتى يرسلها بشير بيك السعداوى الى الامير شكيب ارسلان ليقنعه  بعدم جدوى المفاوضات مع موسولينى ويثنيه عن  مدح وتحسين صورة الحكم الايطالى فى ليبيا وكل هذه المحاولات والاتصالات التى جرت مع شخصيات كبيرة امثال الامير شكيب ارسلان,  افلحت فى اقناع الامير شكيب ارسلان عن الكف عن ذلك وتدخل فى جانب الدعم المعنوى والسياسى للقضية الليبية.    ولاعطاء صورة دقيقة عن هذا التنسيق الوثيق بين المجاهد الشيخ الفضيل باشا المهشهش وبين الامير ادريس السنوسى (ملك ليبيا فيما بعد), لقد تبودلت 23 رسالة هامة مختلفة المواضيع  بينهما من سنة 1930 م الى اواخر سنة 1939م فى دار المهجر, وكلها  تناقش الوضع القائم فى ليبيا وكذلك الاتصالات مع  كبارالمجاهدين المهاجرين فى مصر, وتكللت هذه الاتصالات بالنجاح واسفرت عن اجتماع 9 اغسطس 1940 وكان ثمرته اليانعة  انشاء الجيش السنوسى. وكمثال على مشاركة الفضيل المهشهش  الفاعلة فى التحضير لهذا اليوم , والذى نهض فيه الوطنيون الليبيون من جديد للدفاع عن وطنهم بعد ان تهيأت الظروف المناسبة لذلك . نستعرض  رسالة من الامير ادريس السنوسى(ملك ليبيا فيما بعد) وذلك بتاريخ 29 اكتوبر 1939 ميلادى  ( حضرة المحترم الفاضل اخينا الشيخ الفضيل المهشهش         دام محفوظا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد فتناولت كتابكم المؤرخ فى 9 رمضان 1358 هجــرى (22 اكتوبر 1939 ميلادى) وبه ذكرتم قدومكم الى القاهرة ورغبتكم حضور اجتماع اخوانكم مشائخ المهاجرين وان اشتداد مرض الحمى عليكم اخركم الخ. أولا ادعو الله سبحانه وتعالى ان يزول عنكم كل سوء وان يمتعكم بالصحة التامة. وثانيا ان قدومكم كان رغبتنا ولو ان ثقتنا فيكم لاحد لها لما نعلمه من اخلاصكم وحبكم لما فيه المصلحة العامة واعتقد لولا اشتداد المرض لما تأخرتم وان شاءالله يحصل الاجتماع لتروا ماتم عليه رأى اخوتكم ولاشك ان الشيخ عبدالحميد العبار افادكم بكل شى, هذا وان الاخوان وابراهيم احمد مسلمون عليكم ودمتم سالمين والسلام).              ختم الامير محمد ادريس المهدى السنوسى

******

شعره:

وأضافة الى كل ذكرنا من صفات, كان شاعرآ كبيرأ خلد فى شعره كل صــنوف الويلات التى عاناها الشعب الليبى وكانت قصائده تبعث الامل بأن خلاص الوطن قادم لامحالة.  وقد شارك بعض الشعراء بعض القصائد الملحمية مثل أحــــوال حايلة..... و عمرى عليه الوطن ماننهاكن وغيرها. وعندما وصلت الاخبار بنبأ استشهاد الشيخ  الشهيد عمر المختار, وان حق هذا الزعيم الكبير المجاهد الشهيد عمر المختار ليس بكاء النساء عليه ولا رثائه فى صفحات الجرائد ولكن الرد على هذه الجريمة النكراء هو الثأر له  :

نَلْقَانَّه عزا سِيد سِمْحِ النّبات ماوبْكاء بنات                 وْلا حَجايْجاً في ورَقْ بَايزات

قبالَه اَجْهار في القايله،عِزّ وَسطْ النهـــــار     يْجَنَّه طوابِير مِتْنــــــاغْرات      

ويْدِيرَنْ مِدار ما عمرَه طْرِي في حرب صار               ويْتمَّن عَ المــــــعركه نازْلات

القصيدة الاولى :  اشرفت عند الليل

اشرفت عند الليل فى روس العــــــــــلا            بانن امواير هيضن الافكـــــــــــــار

لومينه ابساط باهى للفــــــــــــــــــــــلا            لاوكان قارن منبته باشـــــــــــــجار 

وفيه نجعهم زدوات اسماح الوتــــــــــا           اللى بهيفهم يرتاح جار الجــــــــــار

ركابه عريض الصدر مرفوع الشــــــوا           طويل الثلاثة والثلاث أقصــــــــــــار

قصير قين وافى الساق مشمول مالطزا           واقيون دوب ايصيغهن الهجـــــــــار

وعده كمالزغليل فى وان النـــــــــــــدا            واركاب مالذهب مطلى اتقول فنــــار

عليه من يفك الرحل فى يوم الجـــــــلا            وان جاء للصـــفافى ديلبى دبـــــــــار

وفى جيت الطليان جاء كاسى الوطــــا            ابجيشن دابل غالب الحكـــــــــــــــــار

بمدافع ورشاشات من خوف البطـــــــا            ومدفع سريع وفى السما طيــــــــــار

ايلاقوا شداد العزم سمحين الوتـــــــا               ايهدوا على الــــــــداوى ازوار ازوار

عليه يهجموا هجمان فرقان القطــــــا              نين كسروا نابه وقنوه ثـــــــــــــــــار

نوريك فعل صفهم فى صف العـــــــــدا             فعل سيل عابر صادفاته نــــــــــــــار

ومن قبل يخـــــون الدهر وارياهم سـوا           سعادى عصارى يعرفوا بالكـــــــــار

اللى حدهم مشهورمهو للغبــــــــــــــــا             من الحمر لوديان بوجــــــــــــــــرار

واسباب جيهم لهنا واسباب الجـــــــــلا             نحكيلك ياناشد على ماصــــــــــــــار

لاهو ضغط من الطليان ولو عازت فلا               مالدهر هو اللى عادته غـــــــــــــدار

ايركب اللى قحلاف يمشى على الوطا               وينزل مقادم سلطنه واميـــــــــــــــار

وجميع ماجرى قلناه وانحكـــــــــــــا              وانعدوا السوايا ربنا غفــــــــــــــــــار

القصيدة الثانية : ياخالق المخلوق

ياخالق المخلوق ياعالى القـــــــــــــــــــــــدر              عطفك علينا حن ياحنـــــــــان

ياللى خلقت الشمس والنجم والقمــــــــــــــر                بلا ضى ماهناك شى يبـــــــان

ياللى خلقت الطير فى البر والحوت فى البحر              يبات فى الميه فى الشتا عريان

لارعد لاشبوب لا رينا مطــــــــــــــــــــــــــر               لا ربيع يحير فيه بـــــــودودان

ولاضين وزين يوم ثانى فى الشهــــــــــــــر               لهن فضل على النزال والجيران

لادير عافى قحيوانه ينصـــــــــــــــــــــــــفر               ولا فى جبوده كردسن حيــــران

فيه خالى الجالات وقت النــــــــــــــــــــــــقر              ايجنك افواج الشيب والشبـــــان

كلتهم وراه انفار زايدين عالحـــــــــــــــــكر               تبع ارياسته فى الامر والنهيان

بغدارى واحلاطات وامعاهن ادقــــــــــــــــر              على تيغى ينقلب جضــــــــــران

والله عاللى لاصار النـــــــــــــــــــــــــــــــدر              لازال ديما جايبـــــــــــه الارهان

لى زمان ماجالست ميعاد معتــــــــــــــــــــبر             منخوبين من لافيــــه فلان فلان

سعادى اوجوه كرام غاشيهم عصـــــــــــــر             عليك ان تاقوا خاطرك يطمـــــان

فى ساعة دراه الكبد فى ساعة الكـــــــــــدر            كلامهم يجى مردوع فى الـــميزان

ارصدوه تسعاطشر عام مايوم انتصــــــــــر           جيش موسولينى ريس الطـــــليان

لكن المرتد والبصاص ونزاهة الصــــــــــفر           خدموا الدوربالفتان للطـــــــــليان

الله يزيحهم من الوطن ويزيدهم ضـــــــــرر          بجاه من فرض بين الامـــلل الاديان

أحنا وطنا مامون مايلاه غــــــــــــــــــــــرر          له مزايا زود على الاوطـــــــــــــان

اول شى جملة هله خيال ونــــــــــــــــــــــفر        مسلــــحين باحسن طراز فى الميدان

ثانى شى لاشاع برق وانهالت مطـــــــــــــر           يضيق الفضا من الخزن والكيفان

ثالث شى مالبر للبـــــــــــــــــــــــــــــــــــحر          تفاصيل نواره تقول اجنـــــــــــان

رابع شى ان صــــــــــــــار السفر يجيه ايراد          من جالو والكفرة ومن فـــــــزان

لانعرفوا جاموس ولارينا بــــــــــــــــــــــقر           مهاميل فيه القـــــــــــود والغزلان

تصدر لراس الحــــــــــــــول واحنا عالـــطقر         وانسينا اللى غالى علينا هـــــــان

صبرنا لحكم الله وافات الدهــــــــــــــــــــــــر           ومجاورين يــــانا فى هناء وامان

القصيدة الثالثة :  فى واهنة قيطن وطال قعاده

فى (واهنة)* قيطن وطال قعــــــــــــــــــــــــــــاده        اللى قبل كانت اجــــــــدابيا ميراده 

قيطن وتمــــــــــــــــا واطـــــــــــــــــــــــــــــن        على جنب غردة فوق حرف الباطن

لاعبد لا خادم اتجــــــــــــــى اتراطــــــــــــــــن         لاكــــــــوت لاسابق اتجى وقواده      

* واهنة قرية بصعيد مصر

وفاته:

فكانت هذه الحمى  والتى تم ذكرها فى الرسالة السابقة التى عرضناها انفا للامير ادريس السنوسى الى الشيخ الفضيل باشا المهشهش, هى سبب وفاته يرحمه الله, فقد توفى ولم يرى الثمرة النهائية لكل التحركات والاتصالات التى شارك فيها وهى اعلان استقلال ليبيا, ومما يؤثر عن الملك ادريس المهدى السنوسى رحمه الله, رحمة واسعة, وذلك عند اعلان استقلال ليبيا  فى يوم 24 ديسمبر 1951, انه قال, انه كان يتمنى, ان الشيخ الفضيل باشا المهشهش كان  حيا  ليرى هذا اليوم, ولكن قدر الله كان مقدورا.  فقد توفى المجاهد الكبير الشيخ الفضيل باشا المهشهش رحمه الله  فى المنيا بمصر , تقريبا فى  سنة 1942م, بعد حياة حافلة من الجهاد والكفاح والهجرة فى سبيل الله, وقد انفق  جل  ثروته فى سبيل الله, لقد كان محمود السيرة, عطر الذكر, واصبحت المقبرة التى دفن فيها تسمى بأسمه حتى اليوم.

الهوامش

1  انظر:  برقة العربية بين الامس واليوم الطيب الاشهب, ص 387

2 انظر:  برقة العربية بين الامس واليوم الطيب الاشهب, ص 422

3 انظر: الايطاليون فى ليبيا,  الجزء الثانى , انجيلوا ديل بوكا, ص 803

4 انظر: عمر المختار , الطاهر احمد الزاوى, الطبعة الثانية, ص 87-88

5  انظر: عمر المختار, د. على الصلابى, ص 23

6  انظر:  برقة العربية بين الامس واليوم,الطيب الاشهب, ص 280-281

7  انظر: برقة العربية  بين  الامس واليوم  الطيب الاشهب ,ص 409

8 انظر: جهاد الابطال فى طرابلس الغرب,الطاهر الزاوى, ص 452

9 انظر: ميلاد  دولة ليبيا الحديثة , د. محمد فؤاد شكرى, القاهرة 1957,  ص 566

10 انظر: جهاد الابطال فى طرابلس الغرب,الطاهر الزاوى, ص 453-454

11  انظر: برقة العربية الامس واليوم  الطيب الاشهب,ص 459

             12 انظر: ميلاد  دولة ليبيا الحديثة , د. محمد فؤاد شكرى, القاهرة 1957,  ص 577

 13 انظر: تاريخ الحركة السنوسية فى افريقيا, على محمد الصلابى, الطبعة الاولى2011, ص 365

14 انظر: ميلاد  دولة ليبيا الحديثة , د. محمد فؤاد شكرى, القاهرة 1957,  ص 989

15 انظر: ميلاد  دولة ليبيا الحديثة , د. محمد فؤاد شكرى, القاهرة 1957,  ص 959

******