بقلم الأستاذة الفاضلة / مفيدة المغربي
ـ لاشك إن بناء المصانع سهل يسير خصوصاً لدولة نفطية مثل (ليبيا), ولكن بناء الرجال هو الصعب , نعم ويزداد صعوبة إذا لم نستطع أن نتجاوز عقدة أربعة عقود من تغييب لقدراتنا وتسفيه لارؤانا وابداعتنا التي ضاع الكثير منها في مكاتب الأزلام ومركونة في إدراج العبث والإهمال المتعمد الذي كان الهدف منه إقصاء الأفكار النيرة والعقول الراجحة من أن تعتلى الوظائف الحساسة في الدولة الليبية زمن المقبور لارحمة عليه.
ولكن هل استوعبنا الدرس جيداً ؟؟ هل كيفنا أنفسنا بحيث نتعايش مع شراذم العصر المتخلف الذين يريدون أن يؤخروا مسيرتنا المجيدة وان يوهنوا من عزيمتنا, فإن كانت هناك عصوراً تاريخية غابرة عُرفت بعصور اكتشاف النار وعصور اكتشاف الحديد أو الحجر ـ على ما أذكره ـ فأننا علينا أن نعيش عصر اكتشاف الثروة البشرية والتي هي بحق غالي وأثمن الثروات جميعاً, ففي حقيقة الأمر إننا كشعب ليبي ثروة بشرية مُهدرة غير مسيسة ولا متعلمة ذاك التعليم الذي يرقى بنا إلى مصاف الأمم الراقية برغم ما نملكه من قدرات ومواهب ومالدينا من ذخر حضاري وديني تلبد وسامي .
ومن هنا فيجب أن تضع هذه الثورة المباركة في أعل سلم الأولويات استثمار الطاقة البشرية في ليبيا ... لأن الإنسان بطبيعة الحال ثروة دائمة وغير قابلة للنضوب كما يحدث في حال النفط أو الغاز.
إن الإنسان هو صانع الحضارة وهو الآن في ليبيا صانع ثورة ، والثورة هي نسف الماضي بأدرانه ومخلفاته القذرة وصنع نماء وتنمية فوق الأرض الليبية على جميع الأصعدة وإليه ـ أقصد المواطن الليبي ـ يجب أن ترتد جميع الجهود التنموية...{{فما معنى أن يكسب الإنسان كل ثروات الأرض ويخسر نفسه}}، وعليه فيجب أن تكون هناك موازنة ـ على أقل تقديرـ بين الجهود المبذولة في التنمية الاقتصادية والجهود المبذولة في التنمية البشرية بما فيها الاهتمام بالتعليم الجيد والمتميز ونشر الثقافة..(وكمواطنة اجدابية علينا العمل على نشر ثقافة المطالعة , ولنفسح في مدينتا أكبر عدد من المكتبات لعرض الصحف الدورية والجرائد والمجلات الشهرية التي تُعنى بالشعر والمقالة والقصة وعرض مؤلفات كتابناً الليبيين المميزين ولنساهم في نشرها ودخولها كل بيت اجدابى).
إن نشر الثقافة الرفيعة والاهتمام بالعلوم والفنون والعناية بصحة المواطن الليبي الجسمية والنفسية هو هدف ثروتنا المجيدة.
إن المعايير الأخلاقية والوطنية والروحية أيضا ستتغير لدى المواطن الليبي وسيسمو الليبي بنفسه ليصل إلى الشخصية السوية المُشرقة التي لا تلهيها الرفاهية الرخيصة عن ثقافة الإنسان الواعدة بكل خير.
علينا أن نغير من مناهج وأساليب حياتنا , وأن نعمل على تحقيق جودة التعليم بمختلف مراحله خصوصاً ونحن على أبواب عام دراسي جديد, وأن نوفر مناخاً جيداً من الحرية والديمقراطية ونضع نُصب أعيننا دائما( ليبيا أولا) ، ويستدعى ذلك تنمية الشعور بالانتماء العربي والاسلامى واحترام هويتنا العربية الاسلاميه والافتخار بها.
وأعيد وأكرر : أنه علينا الاهتمام بتشجيع النشر لكتابنا الليبيين ـ وأخص هنا الاجدابيين:أصحاب الأقلام الهادفة والنبيلة التي تمتلئ أدباً وشعراء, التوسع .. التوسع ثم التوسع في نشر المكتبات العامة وياحبذا لو يكون في مدينة إجدابيا مكتبة في كل حي من أحياءها.
لنكن يداً واحدة لنحى ثقافة الكتاب وأن يتعرف الفرد منا على أمهات الكتب والمعارف المختلفة ، وبذلك نكون قد ساهمنا في تكوين الشخصية الليبية القادرة على الإبداع .. وهذا ما يصبوا إليه مجتمعنا من التقدم والازدهار والحصانة في وجه تحديات أعداء الثورة والمندسين والمتخاذلين الجبناء الذين لاهم لهم إلا وئد الهمم والحد من عزيمة الشباب المتحمس والواثب لكل شي جميل في الحياة .
لنرفع شعار:لا....لا .. لا لتهميش إجدابيا وتغييب طاقاتها البشرية الخلاقة من شباب وشيب, لا...لا لتغييب وتهميش قدراتنا وإبداعاتنا وركنها في سلة المهملات الليبية.
ان إجدابيا هي (ترمومتر) ليبيا وثورتها, فلا لتغييب مدينة إجدابيا..لا لتغيبنا عن المشهد الحضاري والسياسي والثقافي الليبي الجديد.
وان كان هيرودوت قد قال يوماً من ليبيا يأتي الجديد ...فنحن نقول ( من إجدابيا يأتي الجديد) .